في ليلة شتاء باردة، جلس الطفل 
آدم بجوار جدته قرب المدفأة القديمة. كان اللهب يرقص داخلها، يصنع ظلالًا غامضة على الجدران. رفع الصغير عينيه وقال بصوت مفعم بالفضول:
 – 
“احكي لي يا جدتي، قبل أن أنام.”
 ابتسمت الجدة، عيناها ممتلئتان بحنان السنين، وبدأت الحكاية:
"كان يا ما كان، في قرية بعيدة بين الجبال والأنهار، طفلة صغيرة اسمها سلمى. كانت تحب الطيور وتراقبها وهي تحلق في السماء. لكنها كانت حزينة لأنها لا تستطيع الطيران مثلها. وفي ليلة مقمرة، سمعت همسًا من شجرة التوت الكبيرة في ساحة القرية. اقتربت منها، فإذا بفرخ صغير سقط من عشه. حملته بين يديها، واعتنت به أيامًا وليالي حتى استعاد قوته وطار مجددًا."
 سكتت الجدة قليلًا، ثم تابعت:
"وعندما طار، دار حول سلمى ثلاث مرات قبل أن يختفي في السماء. فهمت عندها أن الطيران ليس بجناحين فقط… بل بقلبٍ يملؤه الحب والشجاعة. ومنذ ذلك اليوم، لم تشعر سلمى بالنقص، بل صارت ترى نفسها تطير مع كل خير تقدمه."
 أغمض آدم عينيه، وابتسامة صغيرة ارتسمت على شفتيه. همس:
 – 
“يعني يا جدتي… أقدر أطير بالخير اللي بعمله؟”
 ضحكت الجدة، وربتت على رأسه:
 – 
“نعم يا حبيبي… من يحب ويعطي، يطير ولو بقيت قدماه على الأرض.”
 وهكذا غفى الطفل على إيقاع الحكاية، بينما النار تواصل رقصتها الهادئة، وجدته تهمس:
"تصبح على خير… يا صغيري الطائر."
